تم بناء منازلنا مع الكثير من العمارة الحديثة طبقًا لمعايير عالمية، والتي تأخذ في الحسبان سرعة الإنشاء وانخفاض التكلفة. وحيث أننا لم نشهد الآلات ومواد البناء التي تسمح بالبناء السريع ذو التكلفة المنخفضة إلا في أواخر القرن العشرين، فتعتبر هذه الظاهرة حديثة. وتشهد هذه الظاهرة بالتزايد بشكل كبير بسبب التكنولوجيا المقرونة بالطموح العالي، فنجد أن ٣٦% من طاقة العالم مكرسة للعمران.
وقد حدنا بعيدًا عن طريقة أسلافنا في البناء. فظاهرة القرن العشرين المتمثلة في تجنب القديم واستبداله بالعمارة الحديثة، خلقت فجوة تمتد لأجيال في نقل المعرفة المعمارية. فهنالك العديد من الأسباب التي تحثنا اليوم على تعلم الحكمة وراء البناء القديم، وكيفية تطبيق تلك الأفكار والطرق في حياتنا المعاصرة. فمن تلك الأسباب سرعة نمط الحياة في الوقت الحالي، والاهتمام بالأبعاد البيئية والاجتماعية، ومعرفتنا بان ٣٣٪ من الطاقة العالمية لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تنتجها البنيان
وتتبع العمارة الحديثة مبدأ الشكل يًلي الوظيفة. فنرى الشكل الجمالي والزخرفة
المعمارية الوظيفية يتم تقديرها في البنيان القديم بشكل ملحوظ. وتبعا لذلك فيعاد تخّيل البناء
القديم بمفاهيم القرن الواحد والعشرين بما يلائم حياة الإنسان المعاصر. ففي عصرنا
هذا، أضيفت الملامح المميزة على العمارة الحديثة التي طورت بشكل صارم ومطمس وغير
خلاق، لتستحدث المساحات الواسعة فتعكس حضارة المجتمع وخصوصية الشخص وتلهم كل من
يتفاعل معها.
٣٦% من طاقة العالم مكرَّسَة للعمران
وفي هذا المقال نتعرّف على العمارة الحديثة وممارسات البناء القديم التي لها آثار إيجابية
عظيمة على التنمية الحضارية والأفراد والبيئة في الحاضر والمستقبل.
سلبيات العمارة
الحديثة
قد تتفوق سلبيات العمارة الحديثة على مميزاتها، ومن أبرز السلبيات هي غياب المناظر الطبيعة، فعندما تكون عناصر من الطبيعة جزء من العمارة فأنها تعطي مميزات أساسية للتصميم وحس من الرفاهية للأفراد الذين يعيشون فيها. كما أن هناك دراسة في جامعة كورنل، بأن التصاميم المستوحاة من الطبيعة لها أثر إيجابي على النفس والأداء الذهني لقاطنيها.
وتفتقر العمارة الحديثة في أغلب الأحيان إلى التميز والجمال في سبيل إنشاء بنايات خالية من خصائص المناظر الطبيعية، وذلك يوثر على شكل وإحساس الأحياء السكنية.
كما أثرت تقنيات البناء الغربي وتصاميمه بشكل كبير على العمارة الحديثة. وبالرغم من ذلك، فان تلك التقنيات لم تلائم بعض الثقافات والحضارات في شتى أنحاء العالم.
ومثال على تلك التقنيات الغير ملائمة والتي نراها طبقت في المملكة العربية السعودية، الاعتماد الكلى على آلات التكييف، فتكلف صيانتها مبالغ عالية. ومثل هذه التقنيات تضر البيئة وتكون غير محبذة للسكن.
لو كانت لديك الفرصة لتغيير أيّ من سلبيات العمارة الحديثة، أيها ستختار؟
ابتكارات مستوحاة من عمارة أسلافنا
نستطيع اقتباس الكثير من طرق بناء أجدادنا والعناصر المعمارية القديمة في العمارة الحديثة والتي تعكس إيجابياتها على مقدار استهلاك الطاقة والتكلفة والاستدامة والشكل الجمالي، والرابط الثقافي أيضًا.
أي هذه التقنيات المعمارية القديمة هي المفضلة لديك؟
مقابلة مع المهندس/ يزيد المطوع
نبتكر مجتمعات المستقبل استنادا على فلسفة البناء القديم
تستمر عملية تطور العمارة الحديثة بتطور احتياجات وتقنيات القرن الواحد والعشرين. وبغض النظر عن كونها مبنية على مبادئ اقتصادية وعملية، فقد تأثرت طرق التصميم والبناء بوجود تكنولوجيا الواقع الافتراضي، الذكاء الاصطناعي، الدرون، نمذجة معلومات المباني، وتطبيقات الجوال. حيث حفزت الاعتبارات البيئية ومبادئ الاستدامة، التكنولوجيا الصديقة للبيئة؛ فقد أصبح استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمُقلِّلة لتلوث البيت منهجًا عند البناء. وبذلك وضع في عين الاعتبار التصاميم الحديثة التي تسمح بدخول الضوء وعزل الحرارة والصوت. وبوجود هذه المواد المتطورة لخلق مساحات مستدامة ومفتوحة ذات استخدامات متعددة تكون الخيار الأول للبيوت العملية العائلية.
وبرغم تطور آليات البناء ومواده، إلا أن هناك الكثير لنتعلمه ونقتدي به من ممارسات أسلافنا في البناء والإنشاء. فتوجه المهندسين الحديثين إلى بعض التقنيات المعمارية القديمة لابتكار مجتمعات المستقبل. فنرى ذلك التوجه بتألق مباني المملكة العربية السعودية والخليج والتي تعتبر مقر الأنظار عالمياً بالمباني الخاطفة للأنفاس.
مجمع وزارة البيئة والمياه والزراعة
تدمج التكنولوجيا الحديثة وتقنيات البناء السعودية التقليدية لخلق مركز عالي الكفاءة وبطابع هادئ متعدد الاستخدام في مجمع وزارة البيئة والمياه والزراعة. ففي تصميم المجمع يتم استخدام الطاقة الشمسية ليولد ٧٥٪ من الطاقة المستهلكة في أبنيتها السبعة، علما بان مساحة المجمع ٣.١ مليون متر مربع. ونلمس جماليات التصميم القديم في خلق مساحات مريحة كالمساحات الخارجية المسقوفة والحدائق المرتفعة، ويتخللها عنصرالطبيعة في المساحات الخضراء وزراعة الأشجار التي تتولى عملية التحكم بدرجة حرارة المجمع على مدار السنة.
الأسلوب "السلماني"
يشجع الملك سلمان حفظه الله بدمج العمارة الحديثة والقديمة برؤية مستقبلية وهو الأسلوب "السلماني". فمثال على ذلك الاسلوب الحي الدبلوماسي في الرياض. ففيها تعكس الحضارة الغنية للمملكة العربية السعودية عن طريق العناصر الجمالية في البناء مع التكنولوجيا الحديثة الصديقة للبيئة والمراعية للعوامل الطبيعة.
مركز الملك عبد العزيز الثقافي (إثراء)
مركز الملك عبد العزيز الثقافي (إثراء) يقع المركز في مدينة الظهران، ويدمج بين التربة المدكوكة التقليدية مع أساليب بناء متقدمة لخلق مساحة كبيرة عازلة للصوت وللحريق.
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) هي أول مشروع سعودي حاصل على ترخيص الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة. ويستخدم البناء استراتيجيات تجعل المجمع مستدام بشكل كبير بأقل حاجة للطاقة في الجو الرطب الحار. صمم الحرم الجامعي بناءًا على تقاليد المدن العربية والتي تعني بتقليل مدة التعرض للشمس لفترات طويلة وذلك عن طريق ضغط الأبنية. ويوفر التصميم الظل والتبريد بشكل غير مباشر محاكياً لتصميم الأسواق العربية. أما تصميم الأسقف يحاكي الخيمة البدوية حيث تحجب الشمس، تصفي الضوء، وتساعد على التهوية الطبيعية. اضافة الي ألواح الطاقة الشمسية التي تبعث الطاقة للمجمع. ويتضمن التصميم أبراج الرياح وشبابيك لها تصميم مقارب للمشربيات التي تخفف الحرارة وتعطي شكلا جماليا للجامعة، أخذة بعين الاعتبار الجذور الحضارية والمعمارية. كما ان المشروع يعيد تكرير مياه الصرف الصحي بشكل كامل.
مكتبة الملك فهد الوطنية
تعتبر مكتبة الملك فهد الوطنية المثال الأعلى في إعادة تصوير العمارة بعين الماضي، والتي تمزج بين العناصر العصرية والتقليدية لتحسين العمارة الحديثة. تم تحديث البناء المقام في الثمانيات بإضافة مظلات معينة الشكل. فهي تنظم درجات حرارة المكتب من الداخل كما تعيد توزيع الضوء والظل على مدار اليوم. كما أضيفت اغشيه بيضاء مدعومة بكابلات فولاذية مشدودة لتمثل شكل الخيمة العربية التقليدية بلمسة حديثة.
وادي حنيفة
استحدث بناء وادي حنيفة مؤخرا على كود البناء السعودي لتحسين الحياة الحضرية وحفاظها على البيئة الطبيعية والهوية التاريخية للمنطقة. وجود الفناء الداخلي هو سمة أساسية في هذا التصميم، ليوفر الخصوصية للساكنين ويسهم في التأقلم على الجو المحلى.
مركز التراث العمراني في الدرعية،
يدمج مركز التراث العمراني الحائز على جوائز في الدرعية، بين طبيعة طبوغرافيا وادي حنيفة والحضارة الغنية لخلق واحة داخلية. فدمج التصميم الحديث بين جاذبية منظر المسطح المائي وبرودته حيث يتدفق طبيعيا بين عناصر تقليدية كالتربة المدكوكة والجدران المزدوجة المستوحاة من الجال، مساحة لتخلل الضوء مضيفة إطلالة جميلة للمنطقة المحيطة.
متحف اللوفر في أبو ظبي
يجمع متحف اللوفر الواقع في أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة الهندسة العصرية مع سمات القبة الشرق اوسطية الكلاسيكية. وباستغلال جمال تنفيذ الشكل النجمي المستوحى من الهندسة المعمارية العربية والمصممة من طبقات الفولاذ ذو الكفاءة العالية فيتم التحكم بدرجات الحرارة داخليا
We use cookies to ensure that we give you the best experience on our website. If you continue to use this site we will assume that you are happy with it.Ok